لقد تجاوزت المشكلة عجز المواطن المتوسط الدخل عن امتلاك المسكن إلى عجزه عن امتلاك قطعة الأرض التي يمكن أن يبني عليها مسكنا، إلى أن أصبح عاجزا حتى عن استئجار مسكن يستنزف موارده !
لقد أهملنا كثيرا وطويلا الحاجة لتلبية الطلب على المساكن، فحصدناها اليوم أزمة تتصدر قضايانا بعد أن كنا إلى قبل بضعة عقود من الزمان بالكاد نناقشها، فهل كانت المشكلة افتقارا للرؤية المستقبلية أم إهمالا للحاجة التقديرية، أم أنه الجشع الذي ضرب الوسط العقاري فجعل ترابا في قلب صحرائنا المقفرة أغلى من مروج أوروبا وأمريكا الخضراء ؟!
اليوم جعلت الدولة حل القضية الإسكانية ضمن أهم أولوياتها، لكن مشاريع وزارة الإسكان وحدها لن تحل المشكلة حلا جذريا، فالطلب سيستمر بالتزايد والوزارة ستجد نفسها في حالة الملاحقة بدلا من المواكبة، فالأمر بحاجة لمبادرات جريئة من الدولة تشرك القطاعين الخاص والمصرفي في تمكين المواطن من تحديد خياراته، كتقديم ضمانات للبنوك لتمويل المشاريع الإسكانية والقروض الفردية، كما اقترحت في العديد من المقالات السابقة، ولعل مشروع قرض وأرض خطوة على الطريق لكنها خطوة قصيرة في مسافة تقطعها الخطوات الواسعة !
لم يعد المسكن اليوم ليس مأوى جسد وروح للشباب المقبلين على الحياة، بل هو اليوم حصن ضد من يستهدفون عقولهم وقلوبهم، ليجعلوهم في مجتمعهم معاول هدم لا بناء !