علي بن محمد الرباعي
عندما يموت شيخ القرود (الكيش) كما نطلق عليه في الباحة، يبدأ عدد من القرود الإكثار من الحركة والصراخ والاستعراض أمام الإناث والصغار لكسب الشعبية والجماهيرية ليرضونه شيخ منصب شاغر. وبما أن الإنسان ابن بيئته فمن الطبيعي أن يتأثر بما حوله من الكائنات ومنها القردة. وكم ناصح تلبسته (لوثة القردنة) فغدا يستعرض مهاراته ليكسب قلوب المزيد من المريدين الذين لا يعرفون من وراء رفع الديات إلى أرقام مليونية لافتة؟ ويجهلون السماسرة الذين اشتغلوا على براءتنا بمظهرية تمثيلية، فغدونا أتباعا لمن ليس أهلا للاتباع.
ونسينا أو تناسينا أن العلاقة مع الله لا تحتاج وسطاء يقربوننا إلى الله زلفى، وأغفلنا قدوتنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وتعلقنا بمن لا يعطي للدين قدره ولا للعلم ورعه ولا للوعظ سمته وتهذيبه (ومهما تكن عند امرئ من خليقة، وإن خالها تخفى على الناس تعلم).
جاء الإسلام إلى عينات من البشر مختلفة ومتفاوتة، فاستغل بعضهم الدين ليضفي على ضعفه الاجتماعي أو اضطرابه النفسي شيئا من محاسن وقيم ومبادئ الدين السمحة، ووجد من الأفئدة الفارغة ترحابا وغدا حبيب الجماهير.
لم تعرف المجتمعات النقية في فترة ما قبل الصحوة (مطوع) يقلل الاحترام، ربما يكون شديدا وصارما إلا أنه أنموذج للتدين الخالص، فكان محل احترام وتقدير الجميع وإن اختلفوا معه.
خرج مجموعة من المحتسبين في الثمانينات الهجرية إلى سوق في المنطقة ووجدوا صاحب مقهى متمددا على قعادة ويمز في لي العدني وصوت طلال مداح يصدح من المذياع (وردك يا زارع الورد) فتجرأ أحدهم وأغلق المذياع، فقال صاحب المقهى: اللي طفى الرادي يشغله. ساد صمت، ولما وقف الرجل إذا به يتجاوز المترين طولا ناهيكم عن العرض، ومد يده إلى المشعاب من تحت القعادة. وصرخ: اللي طفى الرادي يشغله، فبادر أحدهم وفتح المذياع وإذا بصوت دنيا بكر يونس يفتح نوافذ البيت السعيد. فقال: تقعدون تتقهوون وتسمعون برنامج ما يطلبه المستمعون؟ فتلعثموا في الرد. قال: (هيا روحوا دوروا لمسيدكم مؤذن)، فانصرفوا سالمين. وسلامتكم.