بطي الصفحة الأخيرة من مدونة فارس شويل المتطرفة، وإغلاق ملفه بتنفيذ حكم قضائي يقضي بقتله أمس، تفتح قرية الجوفاء كتابها لتستعيد قصائد جمعان الشاعر، وتتخذ من قصيدته الخالدة «عبدالعزيز» شعارا لها في الانتماء والولاء. لم يتوقع أهالي القرية الساكنة بين أحضان جبال خضراء أن يخرج من أشجارها اليانعة فرع يابس يتطاول على وطنه ومجتمعه وقادته، ولم يدر بخلد أسرة تعشق الوطن وتنتمي له وتدين بالولاء لقيادته أن يخرج عن النص فتى تربى على مجالس الشعر والروايات الشعبية والحكايات المروضة جموح الفرد. طالما عبرت قرية الجوفاء التابعة لمحافظة بني حسن في منطقة الباحة لرفضها وشجبها لكل عمل عدواني وفكر خارجي يحاول المساس بأمن الوطن أو النيل من مقدراته، كانت القرية ولا تزال تدير معجم الولاء وتعزز مفردات الانتماء مع أكواب القهوة المخثرة بالعشق لتراب الوطن كل صباح. إلا أن فارس شويل لم يشأ أن تظل صورة القرية الوادعة وأهلها الطيبين ماثلة في هدوئها وسكينتها، تمرد فارس على معجم القرى، وتنصل من فهارس الوطن لتتلبسه لغة شاذة، وكأنه لم يجد ما يرد به على وطن احتضنه ورباه وعلمه ولم يحفظ من الأبجدية النقية سوى كلمات مسمومة تجلت في كتابيه (الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث) و( تحريض المجاهدين الأبطال على إحياء سنة الاغتيال) و( الآيات والأحاديث الغزيرة على كفر قوات درع الجزيرة) وبلغت به الثقة في نفسه وتضخيم التنظيم له أن يكفر الدولة السعودية غير مرة، ويبنى على تكفيرها جواز قتال العاملين في قوات الأمن والجيش فيها، ما أنتج عمليات مسلحة يقوم بها الإرهابيون التابعون لتنظيم القاعدة. كانت فرصة نجاته من مصيره بالأمس مواتية عندما سعت أسرته وبعض قرابته للتواصل معه ليسلم نفسه إلا أن فارس كان يرفض الوسطاء، ولا يقبل منهم أبدا إبداء الرأي له بتسليم نفسه وربما أسعده أن يطلق عليه التنظيم (المنظر الأول للقاعدة في المملكة)، وفي ظل تشدده في حلق اللحية وأخذه بالحرمة المطلقة إلا أنه عمد إلى حلقها وتغيير شكله تفاديا للقبض عليه. فيما اجتهد والد فارس (أحمد آل شويل) في توجيه نداءات إلى ابنه لتسليم نفسه والعودة إلى جادة الصواب إلا أن فارس لم يعلق عليها في بياناته الصوتية أو المكتوبة على رسائل أبيه. ونسبت أنباء أن المطلوب رقم 12 في قائمة الـ 26، كان بصدد تفجير مسرح قرية المفتاحة في الليلة التي كان مقررا أن يغني فيها الفنان السعودي محمد عبده ضمن فعاليات مهرجان أبها السياحي صيف 2004. فيما كانت الأجهزة الأمنية السعودية ترصده منذ أن تحرك من مكة المكرمة إلى أن وصل إلى مدينة أبها، إذ قام بإخفاء المتفجرات والأسلحة التي نقلها تحت أحد الجسور بالقرب من مقر شركة أعمال الطرق على بعد 20 كيلومترا إلى الشمال من أبها، وتوجه بعدها إلى المدينة حيث ألقي القبض عليه في حديقة أبو خيال العامة وكان في يده كيس بداخله قنبلة. وبحسب معلومات «حصلت عليها عكاظ»، لم يدرس فارس في المعاهد العلمية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية شأن بقية إخوته إلا أنه درس في مدارس التعليم العام والتحق بـ «جامعة الإمام» وأنهى الليسانس في الشريعة ثم أكمل الماجستير وانسحب قبل إتمام أطروحة الدكتوراة. فارس لم يتغير كثيرا خلال مرحلة سجنه، إذ أصرّ على منهجه المتطرف خلال جلسات المحاكمة، وتمسك بعدم رجوعه عن ذلك، وتوعّد بأنه سيستمر على منهجه الضال تنظيرا وتطبيقا حال خروجه من السجن، ويستعيد جماعة مسجد حي السلام في الرياض الذي كان فارس يؤم المصلين فيه إبان دراسته في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أنه بقي إماما للمسجد نحو عام كامل، مشيرين إلى أن الزهراني لم يكن من سكان الحي وأنه كان يحضر في أوقات الصلاة فقط ليؤمهم.
شاهد أيضاً
حرس الحدود يتدخل لإنقاذ 4 مواطنين احترق قاربهم في عرض البحر
صرّح المتحدث الإعلامي لقيادة حرس الحدود بالمنطقة الشرقية، الرائد عمر الأكلبي، أن الدوريات البحرية تلقت …